الرئيسية

الاقتصاد

الديموغرافيا والانتاجية المطلوبة

12/03/2024 - 13:36 PM

بقلم الدكتور لويس حبيقة

التقدم التكنولوجي، وآخره الذكاء الاصطناعي، مهم جدا لتطور المجتمعات لأنه مع الوقت يرفع مستوى المعيشة كما القدرة على التجدد النوعي وبالتالي الازدهار المجتمعي. يحاول المجتمع الدولي اليوم الحد من التأثيرات السلبية للذكاء الاصطناعي على دور الانسان واستمراريته في سوق العمل كما على قدرته على العطائين الفكري والمادي. لكن الأهم وما يميز أكثر المجتمعات المتطورة هي الحقوق أو القوانين التي تحمي الأقليات وتعطيهم كل الفرص أهمها الاقتصادية خاصة للنساء والأطفال والمسنين. ما زالت هنالك مجتمعات عديدة في منطقتنا وخارجها تسلب تلك الحقوق دون وجه حق طبعا، وهذا في غاية السؤ والتأخر والظلم. تشير كل الدراسات خاصة الصادرة عن البنك الدولي الى أن مساهمة كل أقسام المجتمع في الانتاج وخاصة النساء ترفع نسبة النمو كثيرا وبسرعة.

مع تراكم التحديات المعيشية والأمنية، تغيب عن ذهننا أحيانا أهمية التركيبة الديموغرافية داخل الدول وتأثيرها الكبير على النمو والازدهار. نمو عدد السكان مهم، لكن الأهم توزعه الداخلي أي شكل الهرم السكاني. في زمن الحروب في أوكرانيا وغزة ولبنان وغيرها، يهتم الانسان بانقاذ البشر والأطفال والحفاظ على ما تبقى من بنية تحتية. لكن التفكير على المدى البعيد في كل الأحوال يبقى مهما وضروريا لاستمرارية المجتمعات. من الأمور الأساسية لمستقبل الدول التركيبة الديموغرافية الداخلية التي تؤثر على حيوية المجتمعات وعلى عدد اليد العاملة كما على توافر التمويل لكل الخدمات الاجتماعية الأساسية.

اذا أغفلنا التفكير عن هذه الأمور اليوم، لن تختفي بل تصبح أكثر دقة مع الوقت. تشير الاحصائيات عالميا الى ولادة أعداد ذكور أكثر من الاناث، أي 1,05 مقابل أنثى واحدة وهذا يمكن أن يخلق مشاكل خاصة اذا أراد الجميع تكوين عائلات. تختلف أرقام توزع الولادات بين دولة وأخرى وهذا طبيعي، كما أن هنالك مجتمعات معينة تفضل أسفا جنس على آخر وبالتالي تحاول طبيا وعلميا التأثير على التوزع الجنسي داخل المجتمعات.

من الاحصائيات المهمة هو أن أكثرية المتخرجين من الجامعات هم من النساء وهذا تحول بدأنا نشهده أيضا في منطقتنا العربية علما أن الاحصائيات تختلف كثيرا بين دولة وأخرى. في الولايات المتحدة مثلا، هنالك 4 متخرجات من الجامعات مقبل 3 من الذكور، مما يضيف الى مشاكل التعارف بين الجنسين. في عدد الطلاب في الجامعات الأميركية، هنالك 57% من الأناث وهذا اتجاه عالمي له دلالات كبيرة.

واقعيا تتوجه النساء أكثر فأكثر الى كل القطاعات والى منافسة الرجال بجدارة ونجاح حتى في العلوم والطب والهندسة وكافة التخصصات التي كانت محصورة عمليا سابقا في الشباب. في بعض كليات الهندسة، عدد الطالبات يتفوق على عدد الطلاب دون أن نهمل النوعية التي تتميزن بها. تخفيف الفوارق بين الرجال والنساء مهم جدا في مجتمعات تحتاج الى مساهمة الجميع في تسديد تكلفة التعليم والصحة وكافة الأمور المعيشية. المجتمعات المتطورة هي التي تحترم حقوق الجميع بما فيهم الأطفال والمسنين.