أبو ظبي – ألفة السلامي
أبرز ما يميز فعاليات الكونجرس العالمي للإعلام الذي استضافته العاصمة الاماراتية أبو ظبي في مركز "أدنيك" وبتنظيم مشترك مع وكالة الأنباء الإماراتية (وام) من 26 إلى 28 نوفمبر القدرة على جمع نخبة من قادة الإعلام المحلي والدولي والذين قلما نراهم مجتمعين في مؤتمر واحد. كذلك، نجاح القمة في جذب هذا العدد الكبير من الإعلاميين من أكثر من 170 دولة.
بالإضافة لذلك، هناك تميز في مستوى الحضور حيث تنوع الأجيال من جيل الرواد والورقة والقلم، ومن لم يمسكوا بهما يوما إنما لديهم موهبة ومهارات تواكب أحدث التقنيات، ناهيك عن رواد الأعمال الشباب في مجال الإعلام الذين فتح بعضهم شركات في الإمارات ليستفيدوا من الحوافز الاستثمارية التي توفرها الدولة للمستثمرين المحليين والأجانب على حد السواء، وكذلك ليشاركوا كقطاع خاص في مكاسب القطاع الإعلامي الحكومي الذي يشهد طفرة لافتة هنا في الإمارات. ومن الواضح الدعم الذي تحظى به قطاعات الإعلام والعاملين في المجال، ليس فقط المادي والمتمثل في توفير أحدث التجهيزات والتقنيات والتدريبات للعاملين ولكن أيضا المعنوي من ذلك رعاية كبار رجال الدولة للمؤتمرات الإعلامية، ومنها هذه القمة التي أقيمت برعاية نائب رئيس الوزراء الشيخ منصور بن زايد آل نهيان.
الزميلة ألفة السلامي ومشاركات في الكونغرس
وقد شهدت القمة حوالي 25 جلسة وورشة عمل متنوعة خلال ثلاثة أيام ناقشت الكثير من القضايا التي تهم المؤسسات الإعلامية وكذلك المواطن العادي الذي يعاني، خاصة في الوطن العربي، من اختلاط المعلومة بالشائعة وسط "غابة" مخيفة وغامضة من صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، كثيرا ما تقدم المحتوى الزائف. وفي هذا السياق الذي تتلاطم فيه الأمواج، تسعى منصة "الكونجرس العالمي للإعلام" إلى فهم التحديات واقتناص الفرص لبناء اقتصاد إعلامي متنوع واحترافي يجيد التمييز بين الغث الثمين، مع الرغبة في تبادل أفضل الممارسات في هذا المجال لمواكبة التطورات في مجال صناعة الإعلام على المستوى العالمي.
ومن السهل أن يلاحظ الزائر أن العيون هنا في أبو ظبي، كما في باقي الإمارات، مركزة على الشباب اليافعين من الجنسين ومستقبلهم، فهم كلمة السر لتحقيق تغيير ملموس في صناعة الإعلام، ومن هنا جاءت محاور المؤتمر لتلبي هذه الاهتمامات وإيجاد حلول للتحديات من خلال طرح القضايا الأكثر إلحاحا وتأثيرا في مجال الإعلام وداخل غرف الأخبار ولدى محترفي قطاع الترفيه أيضا، أو ما كان يسمى بإعلام المنوعات -بعد أن أصبحت كلمة ترفيه سيئة السمعة. وقد غطت جلسات عديدة موضوعات الابتكار الرقمي والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة وثقة الجمهور. كما تطرقت لمناقشة دور الابتكار وإلى أين يقودنا مستقبلا في صناعة الإعلام، وكذلك الذكاء الاصطناعي وفرصه وتحدياته في الوقت ذاته، إضافة إلى تقنيات تحليل البيانات ومناقشة أثر هذه التقنيات على صناعة الأخبار وموثوقيتها.
وفي جناح شبكة أبو ظبي للإعلام، داخل الكونجرس العالمي، عُرضت مجموعة من أنظمة الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقع الافتراضي والمعزز والروبوتات الإعلامية، وهي مبهرة للصحفيين والمؤسسات الذين يبحثون عن تطوير أدواتهم في العالم العربي والنامي عموما. وأكد عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام ورئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، أن بلاده تسعى لتعزيز الابتكار والاستثمار في التكنولوجيا المتطورة وجذب الشركات الكبرى في المجال، مشددا خلال مشاركته في جلسة "مستقبل الإعلام .. الفرص والتحديات" التي حضرتها "بيروت تايمز"، على أهمية دور الإعلام كشريك في الاستراتيجية القائمة على المعرفة والابتكار وليكون محركا حيويا للنمو الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة، مشيرا إلى ضرورة الاستثمار في التعليم وتأهيل الكوادر المستقبلية.
وأكد محمد حبيب عبد الله مدير نظم التطبيقات في شبكة أبو ظبي للإعلام، في تصريحات للصحفيين على أهمية الاستثمار في الكوادر لتطوير المواهب الإعلامية بحيث يكون هناك "المعد الذكي"، و"الصحفي الذكي"، و"صانع المحتوى الذكي"، معتمدين في ذلك على الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم في إنتاج المحتوى بشكل أسرع من ذي قبل وأكثر احترافية ومواكبة للمشهد الإعلامي العالمي.
ويلاحظ تواجد مكثف ومشاركة مميزة من قادة وسائل الاعلام العربية، اللبنانية والمصرية بصفة خاصة، والعالمية مثل الأمريكية والأوروبية والآسيوية، إلى جانب نخبة من أساتذة الإعلام ومراكز البحوث ومهندسي وفنيي القطاع السمعي والبصري.
وهكذا فإن الكونجرس من خلال إتاحته التواصل بين مدارس مختلفة في الإعلام العالمي وكذلك الأجيال المتفاوتة في العمر والتجربة والمشارب، من شأنه أن يراكم تجارب بين أطراف قلما تجتمع وتبث حالة من "التواضع" المهني اللافت في محاولة للاستفادة من تجربة القادة في عمق الفكر وسلامة اللغة من جهة وكذلك تجربة الأجيال الشابة من جهة أخرى من حيث الأدوات التكنولوجية والتمكن من أحدث التقنيات في العمل الإعلامي.
ولعل هذه اللقاءات وجها لوجه بين جيلين-إن صح التعبير-من شأنها أن تصقل تجربة الشباب وتشد أيضا الجيل الأكبر نحو الانخراط في المستقبل بأدوات العصر المختلفة عما لديه. وقد شاركوا معا في عدة جلسات لمناقشة كيفية الاستخدام الأمثل للتطبيقات الجديدة للذكاء الاصطناعي وكيفية ربطه بالمتغيرات التي يشهدها قطاع الإعلام العالمي.
ويمكن القول إن الكونجرس مع دورته الثالثة هذا العام اكتسب خبرة جيدة حتى أصبح فرصة مثالية لتبادل الأفكار والأطروحات بين مختلف النخب لربط وسائل الإعلام التقليدية من الصحف والمحطات التلفزيونية والاذاعية بمنصات التواصل الاجتماعي والتدريب من أجل جعل المحتوي العربي أكثر احترافية وجذبا لقطاعات الجمهور الواسعة.
Comments