بقلم: راسم عبيدات
الإنتخابات الرئاسية الأمريكية في الخامس من هذا الشهر، وما سيتمخض عنها من فوز المرشحة الديمقراطية هاريس او المرشح الجمهوري ترامب، ما الذي ستغير، بالنسبة للمنطقة ولنا... ؟؟؟
فنحن ندرك بأن ترامب رفع شعار امريكا اولاً وتقليص التدخل في الحروب او عدم افتعال حروب جديدة، ولكن ما وجدناه في ولايته الأولى والتي اتت على خلفية الفوز على المرشح الديمقراطي اوباما، وكانت الحرب مشتعلة على سوريا، بأنه واصل التدخل في الحرب على سوريا، واجل انسحاب قواته منها مرتين، وعلى الصعيد الفلسطيني، هو اكثر تطرفاً من الديمقراطيين، ولكن على مستوى التبني الأعمى للمواقف الإسرائيلية والدعم السياسي، ماذا يمكن له ان يضيف...؟؟؟،
فالديمقراطيين، قدموا لإسرائيل كل شيء ودعم غير مسبوق عسكري وسياسي ومادي ولوجستي واستخباري وحماية سياسية وقانونية في المؤسسات الدولية، وصلت حد تهديد رئيس وقضاة محكمة العدل الدولية، وابتزازهم على الصعيد الشخصي والمالي، والتهديد لجنوب افريقيا التي تجرأت ورفعت قضية ضد اسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهم الإبادة الجماعية.. ولم تترك اسلوب بلطجة إلا ومارسته خدمة لإسرائيل.
فهي منعت لأربع مرات صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي، يوقف العدوان على قطاع غزة، وكذلك منعت صدور قرار عن نفس المجلس بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وقالت بأن قيام دولة فلسطينية، بالضرورة ان يكون بموافقة اسرائيلية، وكمحمية اسرائيلية، لا تمتلك مقومات دولة، ولا استقلال سياسي ولا اقتصادي ولا سيادة وما تبقى سوى ان تشارك جيوشها في المعارك مباشرة وليس بالطرق الخفية...
والتدخل المباشر في الحروب بمشاركة عسكرية مباشرة أمريكية في عهد الديمقراطيين او الجمهوريين غير متوقع القيام به، فترامب كان رئيساً عندما أسقطت ايران عام 2019 أحدث طائرة تجسس أمريكية "غلوبال هوك"، ولم يرد على ايران عسكرياً، وما سيضيفه ترامب في فوزه، لن يتعدي شحنة معنوية، لن يكون لها تأثير في تغيير كبير في السياسة الخارجية الأمريكية، وعلينا أن لا ننخدع بأي خلاف تكتيكي وطارىء بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية.
فهذه الخلافات تجري تحت سقف أمريكا صهيونية، واسرائيل القاعدة المتقدمة في المنطقة التي تخدم المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، ولذلك نجد بأن الإدارات الأمريكية والألمانية والبريطانية على وجه الخصوص، أكثر صهيونية من الحكومات الإسرائيلية نفسها، وهذا ليس ما لمسناه من افتخار بلينكن بيهوديته، ولا بايدن بصهيونيته ولا بقية الجوقة الأمري- أوربية الغربية أمثال وزيرة الخارجية الأمريكية انالينا جيربيوك، ورئيسها المستشار أولاف شولتس، فالجميع يرفعون نفس الشعار والمقولة "حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها"، ولتصل الوقاحة في وزيرة خارجية المانيا، أنالينا جيربيوك القول" بأن لإسرائيل الحق في قصف المشافي والمدارس، اذا ما كان هناك " إرهابيين" لحماية نفسها، ومسيلمة الكذاب بلينكن وزير الخارجية الأمريكي المفتخر بيهوديته، قال بأن الجيش الإسرائيلي لم يقتل مدنياً واحداً في قطاع غزة، بل هناك كائنات فضائية هي من تقتلهم..؟؟،
إنه "العهر" الأمريكي والغربي الاستعماري الذي ليس له حدود، والذي يرى فينا كعرب ومسلمين وأفارقة شعوب متخلفة غير قابلة "للتحضر" الغربي، ومن اجل ان يسود العلم الأمن والاستقرار فلا بد من القضاء على تلك الشعوب، النظريات العنصرية والوحشية الرأسمالية التي صاغها منظروا ما يعرف بالحضارة الأمريكية والغربية، التي تكشفت بشكل وقح وسافر وسقطت على بوابات غزة وبيروت والضاحية الجنوبية، قتل ودماء وجوع وحصار وطرد وتهجير، إنها نظريات نهاية التاريخ ل" فوكاياما" وصراع الحضارات لـ " همنغتون".
ولكي تكون قرءاتنا صحيحة لما ستسفر عنه الإنتخابات الأمريكية الرئاسية، فيجب علينا الإدراك بأن كلا الحزبيين الجمهوري والديمقراطي يتنافسان في حب اسرائيل والغزل فيها، وبأن أمنها واستقرارها وتفوقها العسكري والأمني في المنطقة فوق كل الإعتبارات، وحتى ما تقوم به من حرب ابادة جماعية وتطهير عرقي في قطاع غزة ولبنان، يجد لها كلا الحزبين المسوغات في تبرير تلك الجرائم بـ "حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها".
ولذلك يتبادل الحزبين الإتهامات بشأن، أيهما أكثر اخلاصاً لإسرائيل ولمشروعها الصهيوني، فترامب في المناظرة التي جمعته مع المرشحة الديمقراطية هاريس، عندما لم تحضر اللقاء مع نتنياهو أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن، في بيت "الإفتراء" الأمريكي " الكونغرس، اتهمها بأنها لا تحب اسرائيل...وعلينا ان ندرك بأن الألة الأمريكية العسكرية والمالية والأمنية تقودها دولة عميقة تقف خلفها كارتيلات واحتكارات ضخمة عسكرية ومالية واقتصادية، تشكل البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية ذراعييها وعقليها، وهي موزعة بين الحزبين ومعسكرات المرشحين، ورؤيتها تنبع من المصالح العميقة للمشروع الأمبرطوري الإستعماري الأمريكي.
اما فيما يتعلق بتأثير تلك الإنتخابات ونتائجها وتداعياتها على ايران، فإيران تدرك بأنها ستبقى في دائرة الإستهداف الأمريكي من كلا الحزبين، جمهوري وديمقراطي، تستهدف دورها ومكانتها الإقليمية، تستهدف مقدراتها العسكرية والتسليحية، وتستهدف برنامجها ومنشأتها النووية وبرامجها للصواريخ البالستية والمسيرات الإنقضاضية.
ولذلك العقوبات على طهران سيجري تشديدها، وأبعد من ذلك، فإيران تدرك بأن المشروع الأمريكي - الإسرائيلي، قد انتقل من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم، وهو يتعدى الخرائط الجغرافية والحرب العدوانية على قطاع غزة ولبنان إلى حرب يراد منها خلق ما يعرف بالشرق الأوسط الجديد، شرق أوسط جديد يجري تغيير خرائط المنطقة وإعادة صياغتها من جديد، بما يضمن بقاء المنطقة في إطار الهيمنة الأمريكية لعشرات السنين القادمة وبقيادة اسرائيلية وإدارة أمريكية، عبر تكتلات وتحالفات امنية وعسكرية، بين اسرائيل ودول النظام الرسمي العربي المنهار، الذي أقصى امنياته واهتمامته إطلاق اوسع عملية تطبيع مع دولة الإحتلال، متوهماً بأن الدولة غير القادرة على توفير الأمن والحماية لمجتمعها، قادرة على حماية هذا النظام الرسمي العربي وعروشه.
طهران تدرك بأن المشروع الأمريكي – الإسرائيلي، في هجومه الإستراتيجي من بوابة اغتيال نصر الله، كمدخل لإسقاط تجربة المقاومة اللبنانية التي يمثلها حزب الله، والذي يمثل فائض قوة محور المقاومة ورأس حربتها، ولذلك الهدف فرض معادلات ردع جديدة "تقزم" من دور ايران الإقليمي، وتسمح لأمريكا واسرائيل بإجراء تغييرات جيو استراتيجية.
ولذلك في إطار المعركة على الردع، والتي اصبحت هي القضية، ، فايران لن تتخلى عن المجابهة مع اسرائيل وامريكا، في إطار دفاعها عن مكانتها الإقليمية، ولذلك المرشد الأعلى خامينائي وقائد الحرس الثوري اسماعيل سلامي ومسؤول المستوى الإستراتيجي للسياسات الخارجية كمال خرازي...أكدوا على ان الرد الإيراني قادم، وهو اشد واوسع واكثر ايلاماً من الرد في "الوعد الصادق 2".
وفي حين يجب التذكير أنه اذا فاز ترمب، فإنه سيعمل على استمرار سياسة" الإستحلاب" المالية للمحميات الخليجية، بشكل أكثر سفوراً ووقاحة، وكذلك سيوسع من الأحلاف التطبيعية بين دولة الإحتلال والدول العربية والإسلامية.
فلسطين – القدس المحتلة
Comments